الدليل على وجود مياه سائلة على المريخ
- نظراً لأن المريخ قد ولد صغيراً - حيث لا يتعدى قطره نصف مثيله في الأرض، بينما تبلغ كتلته عشر كتلة الأرض - فإنه يفتقر إلى القدرات التي تمتلكها الأرض في احتجاز، والاحتفاظ بجزيئات متطايرة volatile مثل النتروجين، والماء وثاني أكسيد الكربون؛ وهي المركبات التي يتكون منها الغلاف الجوي لكوكبي الأرض والمريخ.
- وقد ولد المريخ فقيراً نسبياً في المواد الطيارة، وازداد فقراً بها مع تقدمه في العمر.
- على مدى بلايين السنين، كان المريخ يحتوي مياها سائلة على سطحه، ولكن مع تقدم الكوكب في العمر، اختفت هذه المياه تدريجياً.
- لكن كيف عرفنا أن المريخ كانت به مياه سائلة في الأحقاب الغابرة؟
- ظهر الدليل على ذلك قبل ربع قرن، عندما قامت المركبة الفضائية (مارينر) بتصوير كامل سطح الكوكب. وقد أظهرت هذه الصور، والتي أثبتت صحتها بمزيد من التفصيل بوساطة العربة (الفضائية) المدارية («فايكنج Viking) وجود قنوات متعرجة sinuous، والتي يؤكد الجغرافيون أنها نُحتت بفعل حركة سائل ما، بالإضافة إلى القيعان الجافة للبحيرات، ومثال واحد على الأقل لحدوث تدفق مفاجئ للماء على نطاق واسع.
- نجد أن السائل الوحيد المحتمل وجوده على المريخ أصلاًِ هو الماء، والذي تتكون جزيئاته من اثنين من أوسع عناصر النظام الشمسي انتشاراً، كما أن قياسات منظار التحليل الطيفي لضوء الشمس المنعكس عن القمم القطبية المريخية أثبتت أنها تتكون بصورة رئيسية من ثاني أكسيد الكربون المتجمد، لكن جزءاً من واحد في المائة من كامل حجمها يتكون من جليد الماء water ice ، كما أن كمية ضئيلة من بخار الماء توجد في الغلاف الجوي الرقيق للكوكب.
- من شبه المؤكد أن المريخ لم تكن به يوماً محيطات على امتداد كامل الكوكب، كما كان الأمر على الأرض في الماضي، وإلى درجة كبيرة في الحاضر، وعلى أي حال، فقبل حوالي أربعة بلايين سنة، كانت المياه السائلة تجري عبر سطح المريخ، ومن المحتمل أن مياه الأمطار كانت تهطل من سمائه أيضاً .
- ولابد أن الغلاف الجوي كان أكثر سمكا في ذلك الوقت حتى يمكنه دعم تأثير للدفيئة أكبر بكثير، إضافة إلى دعم أعلى للضغط السطحي أعلى، واللازم للسماح بوجود مياه سائلة على المريخ. ومن المحتمل أن هذا الغلاف الجوي قد نشأ عن نشاط بركاني.
- أما اليوم فنجد أن البراكين المريخية قد خمدت أو اندثرت على رغم أن كبر حجم كتلتها يجعل منها أعلى الجبال في النظام الشمسي، مما يمثل دليلاً صامتاً على أن سطح المريخ كان محلاً لنشاط بركاني أدى إلى انطلاق غازات الهيدروجين، وأول أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكربون والنتروجين، والتي احتبست في الطبقات تحت السطحية للكوكب.
- لابد أن هناك كميات أكبر من هذه الغازات قد أتت من الفضاء، محتبسة في الكويكبات والشهب الجليدية، خلال فترة العصف الشديد التي انتهت قبل 3.8 بلايين سنة.
- نتيجة لهذا العصف وانبعاث الغازات من البراكين، فلابد أن كوكب المريخ، كان يمتلك، منذ بلايين السنين غلافاً جوياً سميكاً يتكون أساساً من نوعين من الغازات : ثاني أكسيد الكربون والذي يكون الجزء الأكبر من الغلاف الجوي الحالي للمريخ، وبخار الماء، ولو أن هاتين المادتين وجدتا بكميات كبيرة لدرجة تكفي لزيادة الضغط الجوي الحالي بعشرة أضعاف، ربما وجد الماء بصورة سائلة في ظل وجود حرارة تتراوح بين 32 و 70 درجة فهرنهايت (0 - 21 درجة مئوية).
- لكن، وعلى العكس من ذلك، إذا احتوى الغلاف الجوي للمريخ على كمية من ثاني أكسيد الكربون تزيد على ما يحتويه الآن بمائة مرة لارتفع الضغط الجوي إلى 60٪ من الضغط السطحي على الأرض، مع امتداد مدى درجات الحرارة التي يوجد فيها الماء بصورة سائلة إلى ما بين 32 - 185 درجة فهرنهايت (0 - 85 درجة مئوية).
- يعتقد علماء الكواكب أن الغلاف الجوي البدائي للمريخ كان أكثر سمكاً - ربما في السماكة نفسها المثيله في الأرض الآن.
- فإذا كان الضغط الإضافي للغلاف الجوي قد ارتفع، فليس ذلك فقط بفعل ثاني أكسيد الكربون، ولكن أيضاً بفعل بخار الماء الموجود في الغلاف الجوي، وهو أفضل كثيراً : فقدرة الماء على البقاء سائلاً تعتمد فقط على الضغط الجوي الكلي، كما أن وجود كمية أكبر من بخار الماء يجعل تكون دائرة من التبخر وهطول الأمطار أقرب احتمالاً.
