انفصال الشبكية
- انفصال الشبكية أحد أمراض العيون الخطيرة التي تهدد سلامة النظر.
- إذ فيه تتقشر الشبكية وتهاجر جزئيًا أو كلياً بعيداً عن طبقة المشيمية الملتصقة بها والمحتوية على الأوعية الدموية التي تؤمن لها احتياجاتها من الأكسجين والعناصر الغذائية، تماماً كما تؤمن المشيمة للجنين غذاءه أثناء وجوده داخل الرحم، وبهذا الانفصال ينقطع المدد عن الشبكية وتعتل الخلايا البصرية التي تتخلل طبقاتها العشر بأعداد مليونية ونسميها العصيات والمخاريط.
أسباب انفصال الشبكية
- يكثر حدوث الانفصال في الأشخاص المصابين بقصر النظر الشديد ( 1 : 20)، ومرضى السكري المتقدم، ومن لديهم تاريخ عائلي للمرض، ونتيجة ضربة قوية في منطقة الوجه، أو بعد أي من الالتهابات الداخلية، أو العمليات الجراحية التي تجرى للعين وتتسبب في تلف الشبكية وتمزقها.
- مع إمكانية حدوثه في مختلف الأعمار، إلا أن التقدم في السن يغير من بنية الجسم الزجاجي ويُقلّل من سمك الشبكية ويجعلها أكثر عرضة للانفصال.
- بتعدد الأسباب تتعدد الآليات التي يتم بموجبها الانفصال؛ فقد يحدث تمزق أو ثقب في الشبكية يتسرّب من خلاله السائل الزجاجي تحتها ويفصلها عن توأمها وروحها وهي طبقة المشيمية، أو تعتل الأوعية الدموية في المشيمية، كما في حالات ارتفاع الضغط المفاجئ، فيرشح منها السائل المصلي إلى ما تحت الشبكية ويفصلها، أو يتليّف الجسم الزجاجي، كما في حالات التهابات العيون الداخلية، فيتسبب في شدّ الشبكية وجذبها بعنف ومن ثم فصلها بعيداً عن طبقة المشيمية.
- غالباً ما يبدأ الانفصال من الأطراف ثم ينتقل إلى الوسط، ويحدث في عين واحدة مع احتمالية إصابة العين الأخرى لاحقا بصورة أكبر عن ذي قبل، ويخترق صفوف الرجال بنسبة أكبر من النساء.
- لا يكابد المريض أية آلام وأوجاع كما هو الحال في أغلب الأمراض الجسيمة، بل يشكو بطريقة فجائية أو تدريجية من ظهور أجسام غريبة في مجال الرؤية، تأخذ هيئة النقط أو البقع أو الخطوط المتموجة السوداء، فتطفو أمام العين وتشوّش عملية الإبصار، مع ظهور وميض ضوئي خاطف متكرر، وبروز ظل جانبي معتم أشبه ما يكون بالستارة أو الجدار في دلالة على تأثر الرؤية المحيطية، هذا قبل أن تتطوّر الحالة ويصل الانفصال إلى منطقة اللطخة الصفراء وتتأثر الرؤية المركزية، فينسحب ضوء العين كما ينسحب ضوء النهار لحظة الغروب، ويفقد الشخص البصر.
علاج انفصال الشبكية
- مع وصول المريض إلى طبيبه المختص، لابد من فحص قاع العين الشامل والدقيق للوقوف على حالة الشبكية التي تبدو أثناء الفحص معتمة ورمادية بعد أن فقدت لونها الوردي الطبيعي، وكذلك قياس حدة الإبصار وفحص ضغط العين، ولا مانع من الاستعانة بالموجات فوق الصوتية أو التصوير المقطعي لأنسجة العين.
- يعتبر الانفصال الشبكي أحد الحالات الطارئة في مجال طب العيون، فتحتاج إلى علاج فوري عن طريق شعاع الليزر بالعيادات الخارجية إذا ما كان الانفصال بسيطاً، أو إجراء جراحة عاجلة داخل غرفة العمليات، يتم خلالها رتق التمزقات وإعادة اللحمة بين طبقتي الشبكية والمشيمية؛ كي تستعيد الخلايا البصرية إمداداتها من الأكسجين والغذاء، ويسترد البصر عافيته بسلام مع ضرورة علاج الأسباب التي أطلقت الشرارة الأولى وتسببت في الانفصال، مثل الالتهابات والأورام وارتفاع ضغط الدم والسكري وغيرها.
- مع أن العين عضو خارجي يسهل الوصول إليه جراحياً، إلا أن دقة الأنسجة ورهافة الأوعية الدموية هو ما يُصعب من مهمة الجراحين ويجعل من جراحات الشبكية على وجه الخصوص مخاطرة تتطلب مهارات فائقة وتقنيات عالية.
- بالطبع تتوقف نتائج الجراحة على حجم الانفصال ومكانه وسرعة تلقي العلاج؛ فكلما كان الانفصال صغيرا، وفي الطرف دون المركز، وتلقَّى المريض العلاج سريعاً دون تسويف؛ جاءت النتائج أكثر إيجابية.
- الحق أن لأشعة الليزر يداً بيضاء على الطب كافة، وعلى طب العيون خاصة، فبعد أن كانت طاقة تدميرية توصف بأنها أشعة الموت، ولا تذهب أبعد من أيدي الجنرالات في المعارك والحروب، إذ بالإنسان يدخنها ويحولها إلى طاقة أليفة تُجري أدق العمليات الجراحية، دون ألم، أو آثار جانبية سرطانية كغيرها من أصناف الأشعة.
- جدير بالذكر أن الليزر شعاع ضوئي مكبر ومكثف ومركز، يرجع الفضل في اكتشافه إلى عالم الفيزياء الأمريكي تيودور مايمان (1927 - 2007 م) الذي يُعدّ أبو الليزر، وبدأ العمل به في عام 1960، وكانت أمراض العيون أوّل ميادين الطب التي خاضها العلاج بالليزر في عام 1962.