السكتة القلبية
- سواء كان الصمت جبناً وخوفاً، أو حكمة وعقلاً، أو علة ومرضاً، أو جهلا وغفلة، فإن كل صمت مقبول إلا صمت القلوب؛ ذلك أن في ثرثرة القلب صوت الروح، بينما صمته يجلجل بصوت الحمام وينعى إلينا طائر الحياة.
- صمت القلب هو ما يُسمّيه أهل الطب بالسكتة القلبية، وفيها تضطرب كهربية القلب بشكل مفاجئ، فيتوقف تماماً عن النبض، ويعجز عن ضخ الدم إلى أعضاء الجسم الحيوية، ليموت الدماغ ويهمد النفس وتذبل الخلايا، قبل أن تهرع الروح من مهجعها وتفر إلى مقرها، وذلك في غضون دقائق لا ساعات.
- الحق أنها حدث درامي صادم تتوه له العقول، وتجري منه المدامع، وتلتف لهوله الساق بالساق؛ إذ كيف لعابد يدخل المسجد ليصلي، فيخرج وقد صُلي عليه وكيف لملاكم يصعد الحلبة ليهزم خصمه، فيهزمه الموتُ بالضربة القاضية وكيف للاعب كرة يدلف إلى الملعب محمولاً على الأعناق، فيخرج محمولاً على آلة حدباء! وكيف لمذيع على الشاشة تدور حوله الكاميرات، فيلتقطه ملك الموت، ويجعله أثرا بعد عين!
- وسط أنهار الأمراض العديدة التي تصب في بحر السكتة القلبية؛ مثل أمراض القلب الخلقية، واعتلال عضلة القلب، وتلف الصمامات واختلال الأملاح؛ يبقى نهر أمراض الشرايين التاجية هو الأطول من نهر النيل والأعرض من نهر المسيسيبي؛ إذ يأتي على رأس القائمة فيقف وراء 90٪ من الحالات، كما يُصنف كقاتل محترف وزعيم عصابة بين الأمراض قاطبة.
- وفيها - أي أمراض الشرايين التاجية - يضيق مجرى أحد الشرايين عن القطر الطبيعي له وهو حوالي 3 ملليمترات نتيجة ترسب كتل الدهون على بطانته، فيتسبب فيما يُعرف بالذبحة الصدرية، خاصة إذا زاد الضيق عن 50٪ من القطر وتخطّى الاحتياطي الوظيفي الذي أودعه الله بحكمته ودقيق صنعه في كافة أجهزة الجسم. أو ينسد المجرى بالكلية، وينقطع الدم عن جزء ما في عضلة القلب، فيتسبّب فيما يُعرف بالنوبة القلبية أو الأزمة القلبية أو احتشاء عضلة القلب.
- الشرايين التاجية هي الأوعية الدموية المنوط بها تغذية عضلة القلب، فتمكّنها من أداء عملها كمضخة مزدوجة ، تنقبض وتنبسط بمعدل مائة ألف مرة في اليوم بدءاً من الأسبوع الرابع للحمل، وتضخ ما يقرب من 1.8 مليون برميل من الدم على مدى الحياة، وهما شريانان؛ أحدهما أيمن يعول نصف القلب الأيمن، والآخر أيسر يعول النصف الأيسر، وكلاهما ينبع من الشريان الأورطي فور مغادرته القلب، ويشكلان معا شبكة حول القلب، قبل أن يتعانقا على قمة سطحه فيما يشبه الإكليل أو التاج، ومن هنا جاءت تسميتها بالشرايين التاجية أو الإكليلية.
أسباب حدوث السكتة القلبية
- من بين عوامل الخطورة التي تفتح الباب لحدوث السكتات القلبية؛ يأتي عامل العمر؛ فتزيد احتمالية الإصابة لدى ذوي المناكب العريضة (الرجال) فوق سن الخامسة والأربعين، ولدى القوارير السيدات) فوق سن الخامسة والخمسين.
- إضافة إلى السمنة والتدخين وارتفاع ضغط الدم والسكري واختلال نسبة الدهون وعدم ممارسة الرياضة والتعرض للضغوط النفسية والعصبية.
- فضلاً عن الوراثة التي يرجعها البعض الى الجينات والمورثات، أو إلى العادات الغذائية والحياتية التي يتشاركها أفراد العائلة الواحدة.
- لعل تلك المخاطر هي الشغل الشاغل لليوم العالمي لأمراض القلب، والذي يوافق التاسع والعشرين من شهر سبتمبر كل عام، ويُحييه الاتحاد الدولي للقلب مع منظمة الصحة العالمية وغيرهما من المؤسسات المعنية بالصحة عامة وصحة القلب خاصة.
- خاصة وسط الإحصاءات التي تؤكد حدوث سبعة ملايين سكتة قلبية سنوياً حول العالم، 95% منهم يفارقون الحياة لتعذر إنقاذهم في غضون الدقائق الأولى التي تفصل بين الحياة والموت.
- رغم الفجائية التي تتسم بها السكتات القلبية؛ إلا أنها نادراً ما تزور القلب السليم؛ وهو ما تشير إليه بعض الأعراض التي قد تسبقها، فيهملها المريض وذووه ولا يأخذونها على محمل الجد، مثل ألم بالصدر أو حرقة بالمعدة أو ضيق في النفس أو دوار أو صداع.